Friday, February 23, 2007

الحكيم

لم اذكر اى يوم كان و لا اذكر الى اين تشير عقارب الساعة



كل ما اذكره هو احساسى المبهم الغامض و الذى حاولت مرارا ان افهمه فلم افلح




شعرت انى واقف موقف العجز و لربى انه لابشع تعذيب اتعرض له على يد اعظم خبير و هذا الخبير هو



نفسى




توضات و صليت فرضى و شعرت بثقل يجسم على صدرى و انا اعرف الحل السحرى نعم



كتاب الله



فتحت فقراءت فاستدركت فذكرت فاطمن فوادى و هدا عقلى و استكان منى سمعى و بصرى



و رقدت فى سريرى و ذكرت رب العباد فاتانى النوم على استحياء و كانه يلعن نفسه الف لمرة لانه قطع ذكرى لله




انسان عادى انا انسان ذو عيوب انا انسان يتمنى انا انسان مكافح انا



انسان يتمنى الحب انا



نمت و كانى لا اعرف النوم من ذى قبل



استيقظت و لكنى لم اكن بسريرى كنت فى مكان باهر الحسن و الجمال



كل شئ متكامل و كل شئ فى موضعه كان بهو واسع ارضيته من الرخام الاسود و اعمدة من البياض لونها و سقف ذو نقوش و بياض يسرق الالباب



و اثناء انبهارى بالمكان و الذى كانت هناك نافورة جميلة تبعث اصوات تكاد تكون احلى من احلى ما قد تسمع فى حياتك



لم الحظ العرش و ذلك الشخص الابيض الوجه و الملامح و اللحية الجالس فوقه و يرتدى ثوبا ابيضا فضفاضا


تبسم فى وجهى لما رايته و قالى لى تقدم لا تخف انا حكيم الزمان



اقتربت بحذر متخوفا من ما ارى و قال لى اجلس و اعلم ان هذا بيت اللاكذب و اللانفاق و اللارياء



انه بيت الحق




اخبرنى ما تشعر فقلت له بالسعادة من جمال المكان فارتج على قائلا قلت لا كذب



انت حزين من ذلك الشعور المبهم الغامض و اسمع منى نصيحتى انسى هذا الشعور تماما



استرديت الوعى و انفجرت طاقات عقلى و ازداد انخفاق قلبى و تحفزت كلى خلايا جسدى و حواسى و كادت عينى ان تقتله من نظراتها



فاجبت فى استنكار انسى فقال نعم تنسى



فاحبت بكل برود الكون أمخبول انت يارجل فانطلق الشرر من عينه و توقف شعر راسه الابيض و وقف من على عرشه و دق الارض بعصا كانت فى يسراه لم الحظها سالفا و قال


انا حكيم الزمان أتتهمنى بالجنون اى مجنون انت



قلت له بل اى مجنون انت


قلت له انا اعلم ذلك الشعور و اعلم انى فى ابتلاء الان من ربى أاصبر و استحق ام استسلم و هذا ليس من شيمتى


جلس و قال لى فى استخفاف اذن فاسرد علي



قلت له ذلك حب لانسانة عرفت معنى النقاء اذا طلبت اطاعت و اذا اخطأت سامحت و اذا تحدثت سمعت و اذا نهيت اعرضت



روح ما وجدت مثلها الان و لن تجد مثلها بعد الان



قال الحكيم بعدما اهتزت ثقته كتيرا



ماذا تريد منها



قلت الصبر و المساعدة



فسال و ماذا تريد ان تسمع منها



قلت كلمة ((نحم)) و احفظنى يحفظك الله




فسال و ماذ تريد ان ترى منها



قلت كل خير و ان تعيننى على الخير




فسال و ماذا تتمنى منها




قلت الثقة و ان ترضى عنى و ان تكون اهلا للمسئولية و انا تكون معينتى على
دينى و دنياى



فسال و ماذا تطلب منها


العفو و الغفران اذا اخطأت فى حقها و ان تطلب المساعدة منى اذا ما احتاجت لها



و ماذا تتمنى فى الدنيا


قلت ان اقضى مدتى فى طاعة ربى و ان تعيننى على هذا


و ماذا تتمنى فى الاخرة


قلت لو دلخت الجنة اتمنى ان تتشكى منى الحور العين الى ربى



فتعجب من قولى و نظر لى متعجبا



قلت الاتعلم ان زوجة الدنيا تاتى احلى من الحور العين و تلهينى عن الجنة و نعيمها



فقال بلى



قلت و هى فى نظرى احلى من اى شئ فى الدنيا




فما بالك و هى فى الجنة





بدات الارضية السوداء تتلون باللون الابيض و بدا اللون يزحف من تحت اقدامى و بدا الرجل و كانما سيصاب بازمة قلبية او سكتة مخية و بدات معالم التعب و الالم تظهر عليه



و قال كيف هذا


قلت له لو انى اخدت ادور فى الكون كله على قدمى باحثا عن انثى بها واحد من المليار منها ما وجدت



كانت القاضية




سقط الرجل ارضا و انتشر اللون الابيض فى الارضية السوداء كانتشار سم زعاف فى دماء الضحية



وقال لم ارى فى حياتى مثل هذا من انت



قلت له



انا خليفة الله فى ارضه






انشتر فجأة لون ابيض عمى بصرى و اغلقت عينى حتى لا اتضرر



و سمعت صوتا ينادى يا بنى قد منحك الله مالم يمنحه احد فحافظ عليه و لاتقرب المعاصى و استغفر الله و داوم على فروضك و اطلب من الله فانه قريب منك و اقرب من حبل الوريد




و ابتسم فلقد هزمت حكيم الزمان بقلبك الذى لا يعرف الغش و لا الخديعة


و هزمت حكيم الزمان بقلبك العامر بالايمان و ان كان فى بعض الوقت يختفى ظاهرا ولكنه موجود و هذا القلب ايضا ملئ بجبها فهنيئا لك


و لاتنسى


ان الله مع الصابرين





و فجأة استيقظت من نومى و لم ادر ان هذا حلما و لم استطيع ان اتبين وجه ذلك المنادى نظرت فى الساعة و اشارت العقارب الى بزوغ الفجر



و تردد الصوت فى عقلى


ذكر الله القران الصلاة الدعاء



اكرمك الله



انتقلت ابتسامة عظيمة الى وجهى و قلت الحمد لله



و انطلقت من السرير الى الحمام فى سرعة يكاد يلهت معها الضوء نفسه توضأت وصليت و دعوت و انا موقن بالاجابة




واتمنى من كل اعماق قلبى ان يستجيب الله دعوتى





و تذكرت تلك اللحظة التى هزمت فيها الحكيم



حكيم الزمان












Wednesday, February 14, 2007

شكرا

شكرا



اوردتنى المهالك



شكرا



دمرتنى مرة و كدت ان تدمر حياتى



شكرا




جعلتنى فى مواقف شتى شرها اضعاف خيرها




شكرا




حيرتنى و تشغلى معاك عقلى




شكرا




صرعتنى بحروف من الهجاء




شكرا




انت تنطق شرا او تصمت




شكرا



خٌلقت لوظائف شتى فتابى و تذكر سوء الخلق



شكرا



تذكر الله قليلا و تذكر السوء كثيرا



شكرا



جعلتها تبكى و تحزن و جعلت القلب مريرا



شكرا



ابقيتى على الشر كثيرا و طاوعتنى فى الخير قليلا



شكرا





لو كان الامر بيدى لقتلك و لكن امرك بيد ربى




و على اى حال





شكرا





شكرا لسانى





Saturday, February 10, 2007

هـــــــــــــــــــى

نعم ما زلت اتذكر و لسوف اتذكر الا ان ياتينى اليقين بامر الله



كنت واقفا مع احد اصدقائى المعدودين نتحدث فى امور شتى من امور الحياة كنا واقفين بجواره و كان هو يجرى و كنا نتحدث و نتمنى ان نقف بجواره و لكنه يابى ان يقف واستمر فى اندفاعه كالسيل



اخذنا نسير محاولين اللحاق به و لكن هيهات فلا احد استطاع ان يلحق به من قبل




و اثناء محاولة اللحاق به استاذن صاحبى الى لقاء و بقيت وحدى واقفا امامه و بدات افكر





أالحق به ام ان عناء التجربة و المحاولة قد لا يجدى بشئ




و استقر رايى على ان اسير بجواره لعلى استطيع تحقيق ما تصبو اليه نفسى خاصة و انى بقيت وحيدا بعدما ان استذن صاحبى



و اثناء سيرى توقفت فجاة مندهشا من المنظر الخلاب الذى وقعت عليه عينى بالصدفة و اندفع سيل الذكريات الى عقلى وانتقلت ابتسامة الى فمى عندما تذكرت نعم ذكرى بالنسبة لى احلى من المنظر الذى سلب لبى و عقد لسانى و سرق منى السمع و البصر





نعم كانت ذكرى رائعة تذكرتها





هى





و لا استطيع ان اصفها فهى لا توصف و لا استطيع ان اتكلم عنها فهى فى قلبى



نعم قلبى


حارسها الامين و خادمها المطيع





اعطاها مقاليد حكمى




فرفضت و قالت





كلا انى انثى




اجتاحنى شعور لا استطيع وصفه






احس قلبى بالامان و استكان عقلى للاختيار و وافقت الاعضاء بالاجماع




و بقيت عينى حزينة باكية لانها لا تراه




و قال لى عقلى اصبر




ان الله مع الصابرين




قلت نعم ساصبر





فمثلها لن اجده فى الكون كله نعم




هى




لولوة مكنونة






هدأ اندفاعه فجأة و حاول ان يتوقف بجوارى ليسمع منى ولوكلمة عنه




و طلب منى ان اجرى بجواره كى اقص له عنها






و لكن هيهات






انتقلت ابتسامة كبيرة الى فمى







هى لى و ليست لك




و تابعت سيرى و انا اتذكر و اتذكر وهو مندفع يتمنى ان يسمع منى كلمة واحدة




و اندفع نهر النيل فى قاهرة المعز





فى ذلك المشهد الاسطورى له ليلا












يبكى و يصرخ من الالم





فلقد كان يتمنى ان يعرف





فقط يعرف





هى






انتهـــــــــــــــــــــــــــــت




Friday, February 9, 2007

مارد كامن

جلست انتظر فى لهفة و الوقت يمر بابطئ اشكاله اذان الفجر كى استطيع ان اخرج من المنزل فى تلك الساعة من جوف الليل






نعم كانت ليلة عصيبة كانت اخر ما اتمنى ان اراه يحدث و لكنه القدر و قد حدث



لم اتصور ان الخلاف بيننا قد يقوم لكنى احسست ان فى الامر ما شئ خطأ








راجعت الامور و استرجعت الافكار و لكن تبين لى شئ هام شئ رفضت دوما ان اعترف به








لم اعد قادرا على استخدام عقلى كما ينبغى على ان استخدمه لم اعد استطيع ان احل المشاكل كما اعتدت سابقا لم استطيع ان افعل اكثر مما فعلت سابقا


و لهذا توقف التفكير تماما بالرغم منى و استكنت فى هدوء و للحظة لم اتوقعها انقلبت مقادير الامور ووقف عقلى منى موقف المحقق و سالنى









الست انت سببا لم انا اعانيه الست انت سببا فى فقدى لقدرتى الست انت سببا لمعاناتى








و استمر يسال الى درجة انى احتاج الى جريدة كى تحوى نصفها و نظرت فى ساعة معصمى كانت الساعة تشير الى مرور ثلاث ثوان








يالهى ما هذا الوحش الكامن داخل عقولنا







و لشدة عجرى و ذلى امامه لم ارد






و بدا هو يتولى مقاليد الامور و كاد قلبى ان يتوقف ذلك الذى اكاد احيا بسببه و بسبب وجوده








و لشدة ما مارسه عقلى من ضغط على قلبى طلب منى قلبى الرحمة لاجيبه على اسئلته و نظرت ايضا فى ساعة معصمى سبع ثوان اخرى و بحسبة منطقية سليمة سافقد نصف اجهزتى الحيوية فى غضون دقيقة لو لم اجبه







رفعت راسى المنكس من على كتفى و استند ظهرى الى الحائط و قامت باعتى ما استطيع من قوة و من مقدرة و طلب منى اجابة صريحة و كان قلبى يلفظ انفاسه الاخيرة






و اجبته و كلى فخر و بكل هدوء







انا احب





نظر لى باستهجان و استنكار شديدين و متعجبا من ردى الذى طالما اخفيته

و لكن الوقت لا يسمح الان بمثل هذه الالعاب






و كما تعلمت سابقا






المواجهة المباشرة هى اقصر الطرق للنصر







و هذا هو ما استقر عليه رايى لما جاوبته







لم يتوقع تلك الصراحة المباشرة و التى اربكته و حاول ان يعيد حساباته حينما قلت




و هذه هى وظيفة قلبى و لا يحق لك ان تقتله لمجرد انه قد سلبك قدرتك بعض الوقت و بدا عقلى محاولا التاثير على ليذكرنى بفشل قريب كان ايضا نتيجة قلبى و هنا انفجرت ضاحكا و لم اتمالك نفسى من الضحك و لما هدات سالنى لما اضحك و قد اموت الان











قلت له لانك انت اخطات اولا و ليس انا و هذا المسكين بين يديك نفذ ما اتفقنا عليه ضمنا و لم يقوم باى محاولة للتصرف وحده كان امرك قبل امرى








و كان طلبك قبل طلبى











نجى قلبى باعجوبة من بين براثن ذلك المارد الكامن فى عقلى و هدأ نسبيا و قال نعم هو خطاى و احاول ان انساه و لا اقدر









فر القلب بسرعة البرق الى مكانه ليعاود ممارسة عمله التقليدى وساعة المعصم تشير الى نصف دقيقة









بقينا وحدنا ننظر الى عيون بعض مجلدات و مراجع قد لا تستطيع ان تحوى ذلك الحديث الذى تحدثناه و توقف العقل ساكنا و خرج منه ابشع مخاوفى










المارد الكامن










لست ادرى اين مكانه بين ثنايا العقل توقف على مقربة منى ملتشحا بالسواد و لا شئ غيره قال لى






لماذا











قلت و بكل بساطة لو انى اخطات فانا بشر و الحكمة منك انت الا تجعلى اقع فى الخطأ مرة اخرى

و لكن ليس من العدل ان تسلب حق قد اعطيته من ذى سلطان و جبروت لايقارنان باى شئ

و بدا السواد فى ان يقل ببطء شديد ساعة المعصم تشير الى مرور دقيقة و نصف












سالنى اسئلة كتيرة بعينه

ردته عليها بلسان حالى ان كل شئ وارد و الخلاف طبيعى و لكن كل الخطأ ان اتنازل على

كنز رائع او لولوة مكنونة لمجرد انى غاضب او انى عصبى او انى اى شئ اخر

فلو انا المشكلة فيك فالاجدر لك ان تساعدنى بدل من تلقى بى الى حتفى و لو ان المشكلة فى الطرف الاخر فاصبر فان الاخيار من سيماهم مراجعة انفسهم











و سقط منهارا قائلا لا لا انا من اخطأ انا السبب

قلت له و لماذا قال لانى لا انسى قلت له انا نسيت لماذا لا تنسى نظر الى




فاستطردت











من الغباء كل الغباء ان تفقد ما تملك فى سبيل ما فقدت و من شدة الغباء ان تفقد لولوة مكنونة فى سبيل ارض مستوية كانت اطلالا و بلا فائدة














و سقط تماما من الانهيار و لم ينطق و قلت له ان الطريقة الوحيدة لكى تصلح ما افسدته هى ان تضعنى على الطريق الصحيح مرة اخرى










و لتترك الباقى على الله ثم على انا










نظر لى متعجبا محدثا نفسها اى شخص هذا لقد هزمنى هزيمة نكراء فى سبيل ذلك القلب الذى لا عمل له الا ان يدق كدقات ساعة رتيبة












ولكن مهلا ان معه كل الحق

ثم انتفض واقفا شامخا ناظرا الى فى عيني








ان الشدائد تصنع الرجال و لقد احتملت قبلا شدائد بسببى اما الان فلن اعوق لك طريقا بعد الان و ثق بانى ساساعدك و اساعد ذلك الاحمق فنظر له القلب و كاد ان يصرخ فيه لولا انى هدات الموقف









و انطلق ذلك المارد الى كهفه السرى الذى لا اعلم له مكانا محددا داخل عقلى المسكين و الذى بدا فجأة يعمل و بكل قواه










و لما هممت من الخروج من القاعة نطق ذلك المارد هيا اذان الفجر الى الجامع و سيرا على الاقدام رغم ذلك الجو القارص و فورا







و بدا القلب يمد الدماء الى الاطراف التى سوف تتعرض الى ذلك البرد القارص












وانتقلت ابتسامة عريضة الى شفتى تعلن عن الرضا بما حدث و ايضا بالامل فى ان تنصلح الامور و تعود الامور الى مجراها










قليل من يمتلك شجاعة الاعتذار و ندرة من يستخدمونها فكن انت منهم












و ظلت تلك العبارة تدوى فى راسى و التى اطلقها المارد بكل قواه و القلب يخفق ليعلن موافقته على هذا الامر











و نظرت فى ساعة المعصم نعم دقيقتين و خمس و عشرون ثانية





يالها من محاكمة قصيرة فى وقتها و لكن الله وحده يعلم ما استنفذت من قوتى و طاقتى لكى انتصر و كان لابد لى من النصر بامر الله




و لنفس السبب كى لا افقد ما امتلك و افخر و اعتز بانى امتلكه







و نزلت الى الشارع وانطلق ذلك المارد ينسى كل ما نسيته داخل عقلى مندفعا يعمل بكامل قواه و طاقته و القلب يمده بالدماء ليساعده على العمل






و انا اقف متعجبا بينهما هذا ما اردت و الحمدلله على ذلك










و لم انسى لحظة انتصرت فيها على مارد










مارد كامن داخل عقل مكدود










انتهـــــــــــــــــــــــــــــــــــت










بصراحة انا مرتاح جدا من انى كتبت اللى كنت شاعر بيه







يارب الامور ترجع زى الاول و احسن





ادعوا معايا




Saturday, February 3, 2007

حبيبتى شذا

قراتها فى احد المدونات و اعجبتنى و استاذنت لنقلها
وقبل ان اكتب

تحية لكل صاحب قضية يدافع عنها بدمه تحية لكل قطرة دم عربية تراق من اجل الله و الوطن
تحية لكم يا شعب فى جهاد الى ان تقوم الساعة




من ينكر أن الفراشة جميلة !! .. لكن هل أحداً يعرف ما هو سر جمال الفراشة؟

ربما لأن ألوانها جميلة وزاهية .. وربما لمرح طيرانها الهادئ .. وربما لأنها صديقة الزهور وزينتها .. وربما كل هذا مجتمعاً

شذا كانت فراشة عماد وثمرة حب عنوانه عطاء بلا حدود

يوم أول

حين عاد عماد من عمله .. وجد زوجته تُصلي العشاء .. فجال ببصره في أرجاء منزله الصغير باحثاً عن شذا التي دائماً تستقبل عودته بفرحةً تُنسيه تعب يومه وهموم الخارج

وقبل أن يبادر في البحث عنها .. كانت زوجته قد أنهت صلاتها
فقالت له دون أن يسأل : نامت بعد أن طال انتظارها وهي واقفة على الكرسي تنتظرك من خلف النافذة

ذهبت أم شذا تعد طعام العشاء بينما تسلل عماد إلى حيث تنام شذا كأنه يخشى أن يراه أحد

كانت شذا نائمة وعلى وجهها الطفولي تنطق قسمات البراءة التي يخشى عماد أن يخدشها ما يحدث خلف جدران منزلهم الصغير

ففي الخارج مدينة تسكنها سنابل أذبلتها الأحزان وخيمت على أسطح منازلها سُحب من آلام وخوف وقلق لا ينتهي

كم كان يخشى عماد على شذا_ابنة العامين_حين تكبر وتعرف أن الدنيا ليست حضن أبيها وحنان أمها فقط .. وأن هناك شياطين على هيئة بشر تنشر الموت والخراب كلما سنحت لها الفرصة أو وجدت لذلك سبيلا

ازدادت رغبته بأن يطبع قبلة على وجنة شذا التي سافرت إلى عالم أحلام الأطفال في نومها .. و ما إن انحنى كي يقبلها حتى استوقفته شهقة أتت من خلفه .. فنظر .. فإذ بأمها تقف مستنكرة .. فابتسم خجلاً مغادراً الغرفة

كنت أعرف انك ستحاول إيقاظها .. قالت الأم هامسة

حاول عماد أن يشرح .. لكن الأم وضعت يدها على فمه وقالت هامسة : اخرج فأنت تتعمد إيقاظها

غادر عماد الغرفة وجلس يقلب في قنوات التلفزيون لعله يقع على شيء مفيد أو خبراً يُثلج صدره .. ولكنه فوجئ بشذا تدخل من باب الغرفة وهي تتعثر في خطواتها من أثر النعاس.. فاتجهت إليه ملقيتاً نفسها بعشوائية في أحضانه.. فضمها إلى صدره قائلاً : لن تصدق أمك أنك استيقظت من تلقاء نفسك .. من يستطيع أن يقنعها الآن

أخرجت شذا يدها من حضن أبيها ورفعت إبهامها في وجهه كي تُريه جرحاً صغير لفته أمها بلاصق للجروح .. فأمسك يدها وقبل إصبعها في مكان الجرح سائلاً إياها عن سببه

يبدو أن اهتمام عماد بجرحها جعلها تطلق كلمات الشكوى بعناقيد حروف لم تنضج بعد .. هي أحب عنده من كل أنغام الدنيا وأناشيدها .. فهو يحب أن يستمع لكلماتها ونطق أسماء الأشياء بلغتها الخاصة .. خصوصاً حين تُسمي الشيء باسم لا يتوقعه أحد

يوماً آخر

تحاول شذا أن تسحب كرسياً نحو النافذة كي تقف عليه وتنتظر من خلف النافذة عودة عماد كما تفعل منذ أن تعلمت السير

فهاهو ضوء الشمس يخفت وبدأت تتعالى أصوات العصافير وهي تودع النهار عائدةً لأعشاشها .. وهذا بالنسبة لها يعني أنه قد حانت عودة عماد من عمله

ساعدتها أمها كي تقف على الكرسي وذهبت كي تُنهي بعض أعمالها في المطبخ .. وبقيت عيون شذا الصغيرة تراقب عن كثب مدخل الحي باهتمام بالغ

عماد بالنسبة لشذا هو زميل اللعب .. فلا يوجد أطفال في المنزل يشاركونها لعبها فكانت تنظر له على أنه طفل مثلها وإن كان كبيرا .. لم تكن تناديه بـ بابا كما يفعل الأبناء مع الأباء .. بل كانت تناديه باسمه بحذف العين .. وهي تعتبره أيضاً حضن الأمان حين تغضب منها أمها .. فكثيراً ما احتمت به حين حاولت أمها عقابها أو لومها على شيء فعلته .. كانت ترى من خلاله الدنيا حين يحملها وينزل إلى الشارع أو يذهب لأحد أصدقاءه ..فهو الأب والأخ والحضن الدافئ حين تمرض أو يُصيبها مكروه

كل شيء يحبه عماد تحبه شذا .. حتى بندقية عماد التي في عينيها مجرد لعبة يلعب بها عماد وحده .. كانت تحبها أيضاً بالرغم من ما تسببه لها من غيرة

تحولت نظرة الترقب والانتظار إلى فرحة عارمة حين لمحت شذا عماد على مدخل الحي فنزلت من على كرسيها واتجهت صوب باب البيت تهتف بفرح عماد عماد

لحظات و فتح عماد باب المنزل ليجدها تنتظر بفستانها المليء برسومات الزهور والورود .. فيجلس على ركبتيه فاتحاً ذراعيه .. وتندفع بدورها نحوه في عناق يومي هو بأمس الحاجة إليه منها .. ثم يحملها ويقف وهي تضع يدها في جيبه وتخرج الحلوى التي اشتراها لها

لا أدري متى ستناديك بأبي

هل تريدين أن تحرميني سماع اسمي من أجمل فمٍ في الدنيا ؟

رحم الله تلك الأيام .. كنت تقول عني هذا في أول أيام زواجنا

ضحك عماد من كلام زوجته ثم قال: وهل هناك ضير في أن تشبه البنت أمها

كان هناك شعور غريب لدى عماد بأن يبقى بجوار شذا أطول فترة ممكنة .. فهو لم يذهب يغير ملابسه كالعادة .. بل بقي حاملاً ابنته يفتح لها غلاف الحلوى ويلاعبها ويتحدث معها حتى عن أشياء لا تفهمها
وهي أيضاً كانت تُريه في كل مرة جرح إصبعها وتسعد كثيراً حين يقبله ويضمها إلى صدره مشفقاً عليها ..

و لعلها كانت تفعل هذا عمداً كي تحظى بهذا العناق .. فالأطفال يشعرون بحنان أهلهم حين يضمونهم إلى صدورهم .. فيمنحهم هذا الحنان مزيدا من الشعور بالأمن والاطمئنان

بعد أن تأخر الوقت .. أرادت أمها أن تأخذها للنوم فقد حان معاد نومها .. ولكنها رفضت وتشبثت بوالدها ورفضت حتى طلب والدها بأن تذهب إلى النوم بالرغم من أنها تطيعه طاعةً عمياء ولا ترد له طلب

تذمرت الأم واتهمت عماد بأنه يبالغ في دلالها

أقنع عماد زوجته بأن تتركها الليلة فقط ..فهو أيضاً لا يريدها أن تفارقه .. وحتى يُخفف من تذمر زوجته قال :
نأخذ أصوات الأغلبية .. من يريد أن تسهر شذا مع والدها فليرفع يده .. وقام برفع يده فعلاً .. فقلدته شذا ورفعت يدها الصغيرة بمرح طفولي دون أن تفهم شيء
وهنا قال عماد ضاحكاً : أغلبية

حسناً سأذهب لكي الملابس وعليك أن تجعلها تنام فالسهر ليس مفيداً لها وسيربك نظام نومها

بدأ عماد يقلب في قنوات التلفزيون كي يشاهد أخبار الساعة العاشرة .. وأثناء مروره على قنوات التلفزيون .. مر على قناة أطفال فيها فيلم كرتون .. فأصدرت شذا صوتاً فهم منه أنها تريد هذه القناة .. فابتسم موجهاً حديثه لها :
معك حق .. هذا أفضل من الأخبار .. ألست معي أن صناعة الأخبار أفضل من الاستماع إليها ؟ .. أومأت شذا برأسها موافقة كلامه الذي جاء على صيغة سؤال وكأنها فهمت حديثه

ذهب عماد وأحضر بندقيته يتفحصها إن كانت بحاجة إلى تنظيف مستغلاً اهتمام شذا بالرسوم المتحركة

وبينما هو غارق باهتمام في تفحص البندقية .. كانت شذا تنظر إليه مدركة أن ما بيده ذو أهمية وليس في استطاعتها أن تشاركه ما يفعل بسبب علامات الجدية والاهتمام التي تبدو على وجهه حين يمسك بهذا الشيء .. فاكتفت بالنظر إليه وتركت ما يحدث في التلفزيون طالما والدها لا يشاركها المشاهدة .. فهي تحب أن تشاهد هذه الأفلام لأنها ترى عماد يضحك فتضحك على ضحكه وليس على ما تشاهده

كان عماد منهمكاً بما في يده .. فنظر بطرف عينه ظناً منه أن شذا قد نامت .. و ما إن نظر إليها حتى وقعت عينيه في عينيها الصغيرتين وهي تنظر إليه بشغف و اهتمام .. فأعاد نظره لما في يده وبدا على وجهه شبح ابتسامة حاول أن يُخفيها كي تبقى شذا في مكانها و لا تعتبر ابتسامته دعوة منه للعب معه

فنظر إليها مرة أخرى بعد إن استطاع ضبط نفسه وكتم ابتسامته .. ولكن على ما يبدو أن شذا لمحت شبح ابتسامته فابتسمت بثغرها الصغير كي تجذب انتباه أبيها .. وما إن رآها عماد تبتسم حتى ضحك بصوت مسموع شجعها على الوقوف والاقتراب منه لترمي نفسها مرةً أخرى في أحضانه بمرح

في نفس الوقت الذي كانت شذا فيه بين أذرع عماد كان التيار الكهربائي ينقطع عن البيت والمدينة كلها

لم يكن ينقص هذه المدينة إلا أن تنقطع عنها الكهرباء لتحول بيوتها الفقيرة إلى زنازين يحاصرها الظلام كما يحاصرها الظلم

ضم عماد شذا إليه أكثر حتى لا تشعر بالخوف من الظلام المفاجئ .. ثم هللت فرحاً حين رأت أمها وفي يدها شمعة .. فقد كانت تحب الشموع كثيراً .. وكان عماد يرى أن هناك وجه شبه كبير بينها وبين الشمعة ..فهي شمعة حياته ونور قلبه

لكن استمتاع الأسرة الصغيرة والتفافهم حول الشمعة لم يدم طويلاً .. فقد تعالى نعيق البوم في سماء المدينة .. و ارتجت الأرض تحت سنابك الشياطين المنطلقة من أوكارها لتدوس سنابل المدينة الحزينة

إنه اجتياح

لم يكن يحتاج الأمر لكثير من التفكير في مثل هذه الظروف فالسيناريو معروف ومكرر

تناول عماد بندقيته وعتاده مودعاً زوجته وابنته الصغيرة
ولحقت به الأم على باب المنزل حاملةً شذا تودعه وتدعوا له بالنصر والتوفيق

التفت عماد إلى ابنته واقترب منها كي يقبلها .. فظنت أنه سيأخذها معه فألقت بنفسها عليه كي يحملها ..ولكنه قبلها بسرعة وغادر إلى ما هو أحب عنده من الأهل والبيت والأبناء

يوم أخير

في ساعات الظهيرة حملت الأم ابنتها شذا متجهةً بها نحو بيت أهل زوجها القريب من بيتهم

كانت الشياطين قد غادرت المدينة بعد أن عاثت فيها خراباً وتدمير
وبينما الشوارع تعج برائحة البارود المجبول بعبق الدماء التي سفكتها الأيدي الآثمة .. كانت الأم تحث خطها مسرعة كأنها تُريد أن تلحق شيئاً سيفوتها

شقت أم شذا طريقها وسط الجماهير الغفيرة التي تجمعت حول منزل أبو عماد والجميع يفسح لها الطريق كأنهم يعرفونها

كان المنزل مليء أيضاً بوجوه تعرفها وأخرى لا تعرفها .. وشقت هذه المرة طريقها بصعوبة بالغة وسط بكاء النساء والأطفال الذين تجمعوا حول جسد عماد يلقون عليه نظرة الوداع قبل أن يحملوه للصلاة عليه في المسجد .. ثم ينطلقوا به مسرعين في مسيرة جديدة لقافلة أخرى من قوافل الشهداء

اقتربت الأم برباطة جأش تدربت عليها كثيراً حتى تُلقي بدورها نظرة الوداع الأخيرة .. وبينما تحاول كتم عبراتها وحبس دموعها كما وصاها عماد .. كانت شذا تبكي خوفاً بسبب الموقف المريب الذي ساد المكان .. فهي لم تكن تعرف ما الذي يحدث حولها وما الذي يجعل جدتها وعماتها يبكون

لم تستطع الأم استيعاب الموقف فسقطت مغشياً عليها حين رأت زوجها
وبينما انشغل الجميع بزوجة عماد .. كانت ابنته تخلص نفسها من يد أمها وسط الزحام لتقترب منه بعد أن وقع بصرها عليه

توقفت عن البكاء واقتربت أكثر من وجه أبيها لتلمح ابتسامته التي كانت دائماً مفتاح ابتسامتها .. فابتسمت شذا أيضاً واقتربت من وجه أبيها الشهيد أكثر وهي تحسبه نائماً لتجد خدشاً تحت عينيه .. فنظرت في إصبعها المجروح ثم قامت بتقبيل جرح أبيها كما كان يفعل مع جرحها


يوماً .. يشبه كل الأيام

كانت خالات شذا يحاولن كفها عن البكاء وتحاول هي أن تتملص من أيديهن .. فهي لا تريد أن يحملها أحد ولا حتى أمها المريضة منذ استشهاد زوجها .. لم تكف شذا عن البكاء إلا بعد أن سمحوا لها أن تنزل على الأرض .. فأسرعت نحو كرسيها تجره بإصرار نحو النافذة لتقف عليه لوحدها كي تنظر من خلف النافذة وتنتظر أبيها كما تعودت دائماً

بقيت شذا واقفة تدقق في وجوه الواردين على الحي تبحث في وجوههم عن وجه أبيها من خلف زجاج النافذة ودموعها لم تجف بعد .. واستمرت هكذا حتى توقفت أصوات العصافير العائدة إلى أعشاشها عن الشدو .. وغابت الشمس وبدأت تظهر النجوم في السماء .. فهي لا تعرف أن عماد قد رحل نحو النجوم وترك لها إرثاً ستفخر به طيلة حياتها .. ورسالةً بيضاء مُغلقة تقرأها حين تكبر.. كتب على غلافها

حبيبتى شذا

لحن صامت

جلست فى احد الايام اتامل فى البحر الممتد الى الاق فوق صخرة حائر ضائع ما بين غيابات الامواج

و استرسلت الافكار و تدفقت الى راسى كالبرق و هو يشق ظلمات السماء و انطلقت الافكار و الذكريات كلها متلاحقة متسلسلة

و توقفت الافكار بغتة عند خاطر كنت دائما اخاف منه لست ادرى لذلك سببا ولكن حكم العادة و التفكير المستمر الطويل

كان خاطرا عجيبا لست ادرى لماذا دائما اتهرب من التفكير فيه رغم انى فكرت فى الموت و مابعده و لم اخاف ليقينى ان الموت هو بداية و ليس نهاية اما هذا الخاطر فلست ادرى حقا اهوا بداية اما نهاية



قطع تفكيرى صوت نورس ابيض كالثلج و هو ينقض على سمكة فى الماء و امسكها و استقر بجوارى على تلك الصخرة






رايته سعيد بها لا يبالى ان كانت كبيرة ام صغيرة لا يبالى ان كانت سمينة ام رفيعة و استقر بجواره طائر اخر و لست ادرى لما اعتبرتها
انثى ربما من الحنان الذى اطلقته تجاه الطائر الواقف




ولشدة عجبى مما رايت و لم افهم ما حدث و لماذا؟؟؟



رايته يقتسم صيده مع محبوبته ان صح على ان اقول ذلك






ثم رايتها سعيدة بالرغم من ان الصيد قد يكون لا يسمن و لا يغنى من جوع و لكنها كانت سعيدة فرحة و انطلقا معا الى السماء و هما يغردان باعذب الالحان الصامتة


و بجوار اللحن الصامت كان صوت الامواج و هى تتكسر على الصخرة تحت قدمى يضفى جوا من الجمال لم اعهده فى نفسى و انشقعت الغيوم و برزت منها اشعة الشمس و هدات الامواج و استقرت نفسى على شئ واحد


ذلك الخاطر كان من صنعى و حان الوقت الان كى يدمر الصانع ما صنع كى يستطيع ان يعيش مثل هذا النورس


طليقا حرا مغردا طائرا الى عنان السماء



هبطت من الصخرة الى الرمال الصفراء الناعمة تاركا خلفى شئ واحد فقط خاطرا كان قيدا تركته فوق صخرة امام البحر



بحر ينتهى عند الافق